مدينة النجف الأشرف.. بين أمطار الرحمة وغرق الإهمال

مدينة النجف الأشرف.. بين أمطار الرحمة وغرق الإهمال
علي الحسيني
علي الحسيني

عندما يفضح ماء السماء المشاريع الفاشلة على الأرض

مدينة النجف الأشرف.. بين أمطار الرحمة وغرق الإهمال

لم تكن الأمطار يومًا إلا نعمة تهطل من السماء، تغسل وجه الأرض، وتبعث الحياة في أرجائها، لكنها في النجف الأشرف، مدينة الإمام علي (عليه السلام)، تحولت إلى كاشف صادق يفضح هشاشة مشاريع البنية التحتية التي أهدر فيها الزمن قبل المال، وبقيت عاجزة عن أداء أبسط وظائفها. فما إن تنهمر قطرات المطر حتى تتحول الشوارع إلى أنهار متدفقة، والأزقة إلى مستنقعات آسنة، تغرق فيها سيارات المواطنين، وتعطل فيها الحركة، ويتحول السير في المدينة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.

النجف تغرق.. والمسؤول يتفرج

ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها المدينة غرق شوارعها بفعل فشل مشاريع الصرف الصحي وسوء تخطيط البنية التحتية، بل هو مشهد يتكرر مع كل موسم أمطار، بينما تقف الإدارات المحلية عاجزة عن تقديم حلول جذرية، مكتفية بوعود خادعة وتصريحات لا تغني عن الغرق شيئًا. مجلس المحافظة، الذي من المفترض أن يكون صوت الشعب والمدافع عن حقوقه، غارقٌ هو الآخر في سبات عميق، لا يتذكر أزمة المياه إلا بعد أن تلتهم المياه أحياءً كاملة، وتتسبب في خسائر مادية وأضرار بيئية وصحية جسيمة.

فساد تحت الأرض.. وكوارث فوقها

إن الكارثة الحقيقية لا تكمن فقط في غرق الشوارع، بل فيما تكشفه هذه الفيضانات من سوء تنفيذ المشاريع، التي يفترض أنها أنجزت بملايين الدولارات، فإذا بها مشاريع لا تصمد أمام اختبار بسيط من السماء. فالأنابيب المتهالكة، ومنافذ التصريف المغلقة، والشوارع التي أُعيد تعبيدها عشرات المرات دون جدوى، ليست إلا دلائل صارخة على فساد تغلغل في مفاصل إدارة المدينة.

المدينة المقدسة تستحق الأفضل

إن النجف الأشرف، بما تحمله من قدسية تاريخية ومكانة دينية، ليست مجرد مدينة يمكن أن تُعامل بهذه اللامبالاة. فهي قبلة لملايين الزائرين سنويًا، ومركز علمي وثقافي عريق، كان من المفترض أن تُخطط بنيتها التحتية وفق معايير عالمية، لا أن تُترك فريسة لفشل إداري مزمن.

النداء الأخير.. قبل الغرق الأكبر

ما لم يكن هناك تحرك جاد وحقيقي لإصلاح هذه المشكلات جذريًا، ستظل النجف الأشرف، كما هي في كل موسم أمطار، مدينة تغرق في وعود كاذبة، وتستغيث بمن يسمع صوتها ولا يجيب. فهل ستستفيق الحكومة المحلية من سباتها؟ أم أن السماء ستظل تفضح ما تخفيه الأرض عامًا بعد عام؟

الاخبار العاجلة