في يوم من الايام استوقفتني احدى طالباتي الفرنسيات و سألتني : "أنك تتحدث دائما عن شخص مسلم اسمه "علي".
من هو علي [ع] هذا؟! و لماذا أثر فيك كل هذا التأثير؟!"
يقول مقدم برنامج "من مصر" في أحد حلقات برنامجه : الكاتب و المفكر والفيلسوف الفرنسي "روجيه غارودي" يقول : كنت أدرّس في جامعة "سوربون الفرنسية" الشهيرة و في يوم من الايام استوقفتني احدى طالباتي و سألتني السوال التالي : "انت مدرسي و أنا احرص على قرائة كتاباتك و مقالاتك و حضور محاضراتك و قد لفت نظري أنك تتحدث دائما عن شخص مسلم اسمه "علي" ، من هو علي [ع] هذا؟! و لماذا أثر فيك كل هذا التأثير؟!
يكمل روجيه غارودي و يقول : فقلت لها أن علي (ع) هو ابن عمّ نبي الاسلام محمد [ص] و زوج ابنته وقائد من قواده العسكريين و سأسألك سؤال يبين لك جزءً بسيطاً من هذه الشخصية .
قالت الفتاة: تفضل!
فسألها روجيه غارودي و قال لها : لو انك عبرت الشارع و جاءت سيارة مسرعة و ضربتك، ماذا سيحصل لك؟!
الطالبة ردت عليه وقالت له : سأموت حالاً.. أو يغمي عليّ!
فرد عليها و قال لها : هذا الرجل تعرض "علي" لضربة سيف و هو ساجد يصلي و قد وصلت الاصابة الى داخل تجويف الجمجمة ، اي أنها وصلت الى الدماغ و شملته ، لقد وصلت الضربة الى أعماق أعماق المخ .. هناك .. هناك، حيث تقبع الحكمة والمعرفة ، مع ذلك و بعد يوم واحد فقط راح يملي "و هو على فراش الموت والضربة القاتلة نافذة في اعماق المخ" راح يملي وصيته الى ابنه البكر الحسن (ع) .
و هذه الوصية هي من اروع ما عرفته الانسانية عبر تاريخها على الاطلاق ، لانها تتضمن الحكمة والموعظة والرقي و أسمى معاني الانسانية .
الطالبة سألته – وهي متأثرة جدا- و قالت له: و ماذا قال فيها؟
فقال لها : سأروي لك بعضا منها ، علي [ع] قال لابنه الحسن (ع) وهو على فراش الموت : ارفق يا ولدي بأسيرك ، (يقصد الرجل الذي ضربه بالسيف و هو ساجد) وارحمه و أحسن اليه و أشفق اليه بحقي عليك ، أطعمه يا بنيّ مما تأكل واسقه مما تشرب ولا تقيد له قدما و لا تغلّ له يدا فإن انا مِتُّ، فاقتصّ منه بأن تقتله بضربة واحدة ، ولا تحرقه بالنار و لا تمثّل بالرجل ، فإني سمعت جدك رسول الله (ص) يقول : اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور.
فأنا إن عشتُ فأنا أولى بالعفو عنه وأنا أعلم بما افعل به ، اوصيكما (ولديه الامامين الحسن والحسين عليهما السلام) بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و لا تأسفا على شيءٍ منها ، و قولا بالحق واعملا للأجر وكونا للظالم خصما و للمظلوم عونا .
و يكمل "روجيه غارودي" كلامه ويقول : و انا اروي لطالبتي بعضا من وصية علي (ع) ، كانت الطالبة الفرنسية تكفكف دموعها وهي تستمع .
خلص حوار المفكر الفرنسي "روجيه غارودي" مع طالبته والذي حكى لها فيه موقفاً من مئات المواقف التي تشرح جوانب الرحمة في الاسلام ، الرحمة التي جعلت سيدنا علي (ع) يوصي ابنه على الرجل الذي قتله غدرا وهو يصلي ، أن لا يعذبوه ابدا و لايحرقوه بالنار ، و ما يقتلوه "تنفيذا لامر الله بالقصاص" الا بضربة واحدة و قبل كل هذا ، أن يطعموه من اكله ويسقوه من الذي يشرب منه .
ولاجل ذلك فإن اتهام المسلمين بالعنف أو التحريض عليه ، "في الحقيقة" من أسخف الاتهامات على وجه الأرض !
يذكر أن أمير المؤمنين "علي بن ابي طالب (علیه السلام) استشهد في مثل هذه الليلة ، 21 من شهر رمضان سنة 40 هجري .