قاسم العجرش
بعض المتابعين للشأن السياسي العراقي؛ يرجعون أسباب ظاهرة الانقسامات الخطيرة؛ في الحياة السياسية العراقية العامة، إلى التطورات الإعلامية والتقنية، وهم يرون أن الظاهرة؛ كانت موجودة منذ القدم، وأنها متأصلة في نفوس العراقيين دون سائر أهل الأرض.
المتابعين إياهم يعتقدون كذلك ؛ أن هذه الصفة الجماعية السيئة؛ لم تكن لتجد متنفسا؛ للتعبير عن نفسها فيما مضى، إلى أن ظهرت التطورات التقنية الهائلة، ووسائل الإعلام الجديدة المتكاثرة ، فخرجت للعيان فيسبوكيا وتويترا ؛ بكل بشاعتها المنكرة الكريهة المخجلة أمام العالم كله !
إنها ثقافة حجاجية؛ كان يصدح بها فتى ثقيف، في مسجد الكوفة صباحا ومساءا، بأعلى صوته: مناديا"يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق" دون أن يعترض عليها أحد!
من يعترض؟! فالسيف فوق الرؤوس والخطيب على المنبر يقول: أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها! ومنذ ذلك الوقت الى يومنا هذا، لم يعترض أحد على الفكر الحجاجي؛ بل تعاملوا بقبول مع مخرجاته التي فشت فينا، ولم يقل أحد أن صفات كالطيبة الزائدة، والتكاتف الاجتماعي الرائع، والترابط القوي المذهل، والأمانة الشخصية، وغيرها من كريم الخصال وطيب الصفات، التي عرف بها الشخصية العراقية في كل زمان ومكان، هي صفاتنا الأصيلة.
لكنها الدكتاتورية الطاغية في إدارة الأمة وشؤونها، وفي تسيير المؤسسات الحزبية، والجماعات السياسية وغيرها، وهي رغبة الاستئثار بالقرار، والتحكم والهيمنة الكاملة على جميع الشؤون، وهي سوق الأتباع إلى مصائرهم؛ كأنهم قطيع من الأغنام، وهي سيادة المنطق الفرعوني في السلطة، متمثلا في: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد).
إنها أيضا العظ بالنواجذ؛ على موقع القيادة ملكا عضوضا، وهي كذلك عدم إتاحة الفرص؛ إلا للمحازيب والمحاسيب، و فتح الأبواب لقارعي الطبول وحاملي المباخر والمجامر؛ وصولا الى المحصلة النهائية؛ وهي البقاء في سدة القيادة والسلطة، والتربص بها مدى الدهر.
إن ما يجري حاليا من تفكك وإضطراب سياسي، خصوصا في الساحة الشيعية، لهو مخطط تأمري، لتقسيم الأحزاب والجماعات الإسلامية، ثم تقسيم المقسم نفسه مرة أخرى، ثم إعادة تقسيم ما هو مقسم أصلا، وصولا الى التفكيك النهائي.
كلام قبل السلام: ثمة نقطة مهمة جدا؛ وهي أن وراء عملية التفكيك عقول شريرة، ليس لمصالحها حدود!
سلام..
المقالات التي تنشر في الموقع تعبر عن رأي أصحابها و لا تعبر عن رأي الوكالة بالضرورة