طيب العراقي
الحشد الشعبي كقوة ردع رسمية؛ تخضع بشكل تام وكلي؛ لتوجيهات وقيادة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وتمتلك بعدا شعبيا لا يمكن تكراره على مر التاريخ؛ تحظى بمستوى نادر من القدسية المتأتية، من كونها تخلقت وفقا لفتوى المرجعية الدينية العليا، ومن المنزلة الكبرى التي حظي بها قتلاه، بإعلان المرجعية الدينية في خطاب الفتوى المباركة؛ أن من يقتل دفاعا عن الوطن يعد شهيدا.
أولويات الحشد الشعبي معروفة؛ وتتمثل بالدفاع عن الدولة العراقية والدستور، وكونه قوة محكومة بالقانون؛ فإن هذا وحده كاف؛ لأن يحظى بمرتبة متقدمة على ما سواها، لدى العراقيين جميعا، فضلا عن نيله إحتراما عالميا كبيرا.
هذه الموقعية الرائعة؛ يتعين أن تقابلها بالتمام والكمال؛ مسؤولية أخلاقية موازية، يتحملها رجال الحشد الشعبي المجاهدين، قادة وآمرين ومقاتلين، ومعهم أجهزة الذيل الإداري والدعم اللوجستي..والحقيقة أن هؤلاء الرجال؛ كانوا طيلة سنوات المعركة وما تلاها من وقت، على قدر هذه المسؤولية، وعبروا عنها تعبيرا صادقا، بتزاحمهم الى مصارعهم عن طيب خاطر ورغبة صادقة.
ما لا جدال فيه؛ أن الحشد الشعبي وفصائل المقاومة التي تشكل عموده الفقري، أبدوا قدرا كبيرا ورائعا من الإلتزام بالقانون العراقي، وجرى التصرف بإنضباط عال، ومسؤولية وطنية منقطعة النظير، لكن أعداء العراق النوعيين؛ وهم ذاتهم أعداء الحشد الشعبي المؤكدين، ما فتئوا يبحثون في الأخطاء مهما كانت صغيرة، يتصيدون الزلات والعثرات، ليثيروا الغبار في وجه عجلة تقدم الحشد، وليصنعوا أحجار عثرة؛ بغية أن يكب الحشد على وجهه ليجهزوا عليه.
مع أن قيادة الحشد الشعبي، متمثلة بالقائد الأعلى للحشد، أي العام للقوات المسلحة العراقية، وما تليه من قيادات يعون حجم وتفاصيل المؤامرة التي تستهدف الحشد، سياسيا ومجتمعيا، داخليا وخارجيا، إلا أن وعي هذا الإستهداف؛ وإدراك أبعاده وحجمه، ليست عناصر كافية لوأد الإستهداف، ما لم ينعكس ذلك؛ بجملة من الإجراءات والتصرفات والإلتزامات، التي يتعين على "الحشداويين" أنفسهم السير بموجبها ووفق هديها.
أول هذه العناصر، هو الطاعة للمرجعية الدينية، والإلتزام المبرم القاطع، بتوجيهاتها وأوامرها ونواهيها، وما يصدر عن المرجعية الدينية، يجب أن يعتبره الحشد "أمر عمليات" واجب التنفيذ، وإن تطلب الأمر الإستشهاد من أجل تنفيذه، كما يتعين أن تكون توجيهات المرجعية الموجهة لغير الحشد، نبراسا للحشداويين سلوكا وتصرفا، لأنهم المعنيين بتلك التوجيهات في المقام الأول.
ثاني تلك العناصر؛ يتمثل بتمتين عرى العلاقة مع الفعاليات الشعبية، فالحشد"شعبي" الهوية، وهذه الهوية لن تترسخ؛ إلا بأن يستند الحشد الى جدار الشعب، واي إنفصال بين الحشد والشعب مهما كان قليلا، لن يخدم إلا أعداء العراق والعراقيين وبضمنهم "الحشداويين" طبعا.
لتحقيق قدر كاف وفاعل من العنصرين الآنفين، يتعين أن يعيد "الحشداويين" النظر ببعض المسالك، التي لا تنسجم مع عقيدة الحشد الشعبي، أو تلك التي تخالف أهداف تشكله...المظاهرية والإنتفاع من المال العام، والتعالي والغرور، ونسج علاقات مريبة مع آخرين، ليست من أخلاق "الحشداويين"، ويجب أن يغادرها فورا من سلكها، عن قصد أو غير قصد، كما يتعين أن لا تجد مساحة من التبرير، ولو كانت صغيرة بين صفوف "الحشداويين"، وبنفس القدر من الأهمية يجب أن لا يسكت عنها، من قبل القيادات الأعلى، لأسباب قانونية وشرعية.
قيادة الحشد الشعبي؛ وهي الأب الموجه لقرابة 150 الف مقاتل، ولكي تبقي هذا العدد متماسكا قويا؛ يده على الزناد، يهاب بها أن تولي إهتماما كبيرا للتوجيه والإرشاد، المدعم بالمتابعة والمراقبة، والثواب والعقاب، وذلك لقطع الطريق على حصول أي خلل أو زلل، يمنح المتصيدين بالمياه العكرة، فرصة النيل من الحشد ومكانته العالية في وجدان العراقيين.
ما يتمناه العرقيين أن يبقى الحشد الشعبي، أرضا للطُهر والنقاء، وأن لا يتلوث بأدران ما تلوث به غيره من أجهزة الدولة.