الكاتب: Ailia Emame
* أكتب هذه السطور .. مستغرباً لشدة تطابقها مع منشور كتبته قبل أربع سنوات 2015 .. فهل توقف الزمن ؟ أم أني مصاب بداء التكرار ؟ أم لازلنا كمجتمع نراوح مكاننا ؟.
ذلك التطابق الذي أتحدث عنه .. هو موقف السيستاني .. فدعوني أوضح :
* يتوقع الناس في كل المجتمعات .. من قادتهم الدينيين والسياسيين .. أن يقفوا معهم في كل محنة .. ويشجعوهم في كل مهمة .
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم :
هل كان خطاب المرجعية لهذا اليوم ( الجمعة 25 / 10 / 2019 ) وقوفاً مع الناس في يوم تظاهراتهم الكبرى ؟
أين الكلمات الحماسية في خطابها ؟
أين الجديد فيما قالته اليوم ؟
أين الـ ( أكشن ) ودفع الناس نحو الشارع ؟
أين التعاطف مع مطالب الجماهير الغاضبة ؟
* لحظة .. دعنا نتوقف عند كلمة ( غاضبة )
ففي لحظات الغضب لاتبحث الناس عن حلول بقدر بحثها عن ( تنفيس الغضب )
عندما يتملك الإحتقان والتوتر جموع الناس الغاضبة .. تبحث عن الأكشن أكثر من بحثها عن النهايات المدروسة .
نحن نبحث اليوم عن اقتحام المنطقة الخضراء .. واحراق مجلس محافظة المثنى .. وعبور سياج وزارة التخطيط .. ولكن لا أحد يسأل : وماذا بعد ذلك ؟
* ما يجري اليوم ليس جديداً .. جربناه في 2015 .. وفي 2016 .. وكل سنة نعيد تجربته حتى الآن .. بدون نتائج .
* جربنا قبل ثلاث سنوات دخول الخضراء .. ونحاول تكرار المشهد اليوم .. بدون أن نسأل أنفسنا .. ما هو الفرق بين الدخولين ؟ ولماذا نتوقع أن يتغير شيئ ؟
* الواقع المر أيها السادة _ الذي سيرفض الكثير منكم تصديقه وربما يشبعني شتماً _ أننا قوم نبحث عن الكلمات الرنانة والمواقف العنترية .. التي تطفئ حرارة نفوسنا .. أكثر من بحثنا عن الحلول .
* نقول _ في وصف حالنا _ الشعب انتهى .. والناس تحطمت .. ولكننا لانمتلك فكرة عن كيفية إنقاذ أنفسنا ..
* سوف نبتعد عن الحل .. ونغرق في دوامة اليأس .. إذا بقينا نخرج الى الشارع للتفريغ عن غضبنا .. ونخرج .. ونخرج .. بدون أن نفهم ولو لمرة .. كيف نحول هذا الغضب الى ضغوط حقيقية على السلطة .
* اللحظة التي نتوقع فيها الحل .. هي التي نخرج فيها ونحن متفقين على خطة عمل متكاملة .. تبدأ بإزاحة الفاسد وتنتهي بجلوس الصالح في مكانه .
* خطة نعرف كيف نقنع الناس بها .. وكيف نديرها .. وكيف نفرضها على السلطة فرضاً .. بدون أن نسفك قطرة دم واحدة .. أو نسمع صوت رصاصة واحدة .
* قدم السيستاني خلال خمس سنوات أربعة مطالب أساسية .. ولكن ذنب الرجل أنه قدمها بشكل هادئ .. بدون عنتريات ولا تهديدات .. قدمها كمجرد إقتراحات إرشادية .. بشكل يحترم القانون .. بدون أن يبرز عضلاته ويقول ( أنا الدولة والدولة أنا )
* لقد أراد لهذه اللحظة التاريخية أن تكون لحظتنا .. فنكون مستقلين في التفكير بمصيرنا .. نثبت للعالم أننا أحرار في صنع مستقبلنا .. لا مجرد أدوات يجب أن يحركها هو بنفسه .. بدون أن تشعر بمسؤوليتها .
* قدم الرجل مقترحاته .. ولخمس سنوات كان ينتظر .. أن نطورها .. ونحولها الى خطة عمل .. بعيداً عن ( العنف المتبادل ) ذلك البلاء الذي لو حل بنا .. سنترحم على جهنم .
أولاً : ألح السيستاني كثيراً على ( المطالب المحددة .. والمرسومة بشكل عملي ).
برأيي .. أن تكرار العبارات الجميلة مثل ( نريد وطن ) لن يقدم شيئ .. فما هو الوطن ؟ وكيف يبنى ؟ ومن الذي يقرر مصيره ؟ كل الأجوبة فضفاضة وغير محددة .. وكأننا في مسابقة شعرية نبحث عن جمال الكلمات .. وليس في صدد صناعة دولة قوية .
* هل تسمعون اليوم كلاماً عن قانون الانتخابات ؟ او مفوضية الانتخابات ؟ وهل نحلم بالوطن بدون هذين الأمرين ؟!
ثانياً : تعهد السيستاني في أكثر من خطبة _ وبطريقة أشبه بالصريحة _ بدعم المسؤول الذي يتحمل مسؤوليته ويبدأ بمحاربة الفساد .
وبحسب ما للسيستاني من مكانة معنوية في العراق .. فلا يوجد شخص في العالم يحلم بمثل الدعم الذي سيقدمه له هذا الرجل .. وقد أضاع _ المتردد الخائف _ حيدر العبادي هذه الفرصة الذهبية سابقاً .. ولكنها لاتزال متاحة لمن يقوم بهذا الدور .. ومن ينتبه للخطب الأخيرة يكتشف أن الرجل لايزال ( يغري ) المسؤول بأن ينقلب على جماعته الفاسدين ويكون مع الشعب مقابل دعم لامحدود .
* إنها _ لمن يقرأ السياسة _ محاولة للإصلاح بأخف التكاليف على الشعب المرهق من شدة الضغوط .. تنتظر فقط أن يضغط الجمهور على المسؤول ليحسم أمره .
ثالثاً : كرر السيستاني مطالبة القضاء بأخذ دوره .. القضاء ذلك المفصل الذي لو تم تحريكه بشكل صحيح سيصنع المعجزات .. ولكنه للأسف ....
فكان لابد من الضغط عليه منذ 2015 ولم يكن كل هذا التأخير بصالحنا .
رابعاً : إيجاد طبقة سياسة أخرى .. من الشباب .
ماذا يمتلك السيستاني غير الفتوى ؟ إذا كان قد حرم على المرشح التقدم بدون كفاءة ..
وحث النزيه على ملئ الفراغ .. من خلال تعديل قانون الانتخابات ( بالرجوع للنقطة الأولى ).
نعم انها مشكلة السيستاني .. يتكلم عن الحلول العملية التي تنتهي بنتائج .. ولا يعطي جرعات من المخدرات السياسية بكلام حماسي لاواقع له .
مثل هذا الرجل لاتتعبوا بالدفاع عنه .. لأن الألسن لن تكف عنه .. إلا عندما .. تصطدم بالواقع .. وتتذكر كلامه .